كتبت منذ أشهر على جداري "أرجو أن لا يترشح المرزوقي للرئاسة" لأني أرى فيه الأقدر على صنع النماذج الحضارية للسلوك السياسي خاصة في إشكالياته الكبرى : التغول والاستبداد ورفض التداول على السلطة . ولكن لم يتحقق رجائي لأسباب كثيرة لا أحب أن أنفي منها إشفاقه هو على الثورة وعدم اقتناعه بغيره أمينا عليها، و"أعانه على ذلك قوم آخرون " من جبهة الثورة. ورأت حركة النهضة أن تساهم في هذه اللحظة التاريخية بالسلب ، ويصعب كثيرا تقييم موقفها بعزله عن سياقاته التي أدت إليها سياسة التدحرج التي سلكتها، مما يجعل موقفها تحصيل حاصل .
واليوم وقد كان ما كان وعلى مسافة يوم واحد من اليوم الكبير أو الأكبر في تاريخ تونس وتاريخ الثورة، فإن مسؤولية التونسيين عظيمة في أن يقرروا مصيرهم ومصير ثورتهم، بين أن يستكملوا ثورتهم التي قطعوا فيها أشواطا قلائل، وأن يقصروا من عمر الثورة المضادة، ويربكوا حساباتها، و يفرضوا عليها التقهقر، ويصنعوا بذلك الحدث التاريخي المدوي كما صنعوه في الحدث الأول والناس بين مستسلم ويائس، وإما أن يفتحوا طريقا للثورة المضادة لمحاولة الاتيان على ما تحقق واسترجاع "مجدهم " الذي خلخلت مرتكزاته الثورة.
أنا لا أقول أن الثورة ستخمد فأنا مع شعار المرزوقي "ننتصر أو ننتصر"، وأعرف أن الرجل لا يصوغ شعاراته من وحي الايديولوجيا فقط، فهو حقوقي قبل أن يكون سياسي، و مفكر قبل أن يكون مثقف. ولكن أقول نحن مطالبون بالقصد والاقتصاد، ومسيرتنا الطويلة تفرض علينا حسن التدبير، لأن بناء الوعي الجديد في العقول والقلوب يحتاج التقدم، وتنغص عليه الانتكاسات.
إن طريق الأمة نحو الحرية والتحرر قد سكت بداياته ولا راد لقدره .
رجوت أن لا يترشح المرزوقي فيما مضى، ولكنني الآن أرجو وأدعو الله أولا أن يكلل جهاده بالنجاح في الانتخابات، ثم أدعو بني وطني أن يكونوا عند حسن الظن بهم فينتخبوه رئيسا، فيفوزوا هم أولا، وتفوز تونس بالحسنى ثانية، وتعيد الأمل من جديد إلى أحرار أمتنا بأن ربيعهم لم ينقض ولن ينقضي .
تاريخ أول نشر 2014/11/22