لا زلت عند رأيي أن الشيخ راشد الغنوشي أنسب رجل لتولي رئاسة الحكومة، وذلك عملا بما جاء في الدستور الذي علينا الالتزام به، و عملا بما جرت عليه التقاليد الديمقراطية من أن رئيس الحزب الفائز هو الأحق بتشكيل الحكومة ورئاستها، ونظرا لما يملكه الشيخ راشد من مكانة وطنية تجعله الأقدر على إدارة حوار وتعاون بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع الوطنية الكبرى وذات العلاقة المباشرة بتسيير دواليب الدولة وضمان استمرار وفاعلية ونجاعة العمل الحكومي، وأيضا لما يملكه من علاقات إقليمية ودولية قادرة على مساعدة تونس للخروج تدريجيا من هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها... احب البعض ذلك أم كره يعتبر الشيخ راشد منذ سنوات ولا يزال الشخصية المحورية في تونس، هكذا هو في واقع تونس الداخلي، وهكذا ينظر إليه شركاء تونس الإقليميين و الدوليين .... وإذا قدر لغيره أن يكون في القصبة فإن "الحج" إلى مونبليزير سيكون "فريضة" على من يعنيه الشأن التونسي من المقيمين أو الضيوف ... وسيظل يستدعى للمحافل الاقليمية والدولية وللدول الصديقة والشقيقة و إن بشكل غير رسمي للتشاور معه أو التفاوض معه .....
أرجو أن تدرك الأحزاب المعنية بتشكيل ائتلاف حكومي أهمية كل ما ذكرته، وتراجع موقفها من رئاسته للحكومة، ومن إصرارها على شخصية مستقلة لن تكون مهما كانت خبرتها قادرة على امتلاك عناصر القوة التي ذكرتها في الشيخ راشد.
أرجو أن تدرك أن الخطوات التي ستقطعها في إطار تجاوز حالة الاستثناء التي تعني العمل بما يخالف الدستور والتقاليد الديمقراطية، تعتبر في حد ذاتها نجاحا، وأن تحميل النهضة المسؤولية المباشرة والتعاون معها بالشكل المناسب سيكون في صالح البلد بل وفي صالحها هي كأحزاب.
أرجو أن تدرك تلك الأحزاب أن فكرة الوزراء المستقلين لوزارات السيادة ورئاسة الحكومة لن تكون في صالح العمل الحكومي وبالتالي في صالح البلد .... كلنا يعرف أنه مهما تكن استقلالية هؤلاء إلا أنهم يعلمون أنهم مختارون من أحزاب وأنهم يعملون في حكومة ترتكز على النظام البرلماني القائم على النظام الحزبي .... لن يكونوا مستقلين بالمعنى الدقيق للكلمة ولن يكونوا فاعلين بالقدر المطلوب .... الوزير منصب سياسي مهما كانت درجة " تقنية " الوزارة التي يشرف عليها .... و العمل الحكومي كله عمل سياسي .... الإدارة هي التي تتولى الجوانب التقنية التخصصية .....
تاريخ أول نشر 2019/10/31