search

نجيب الشابي وعزالدين الحزقي و شهادة الكبار في الكبار

شهادة نجيب الشابي وعزالدين الحزقي في راشد الغنوشي في احتفالية بلوغه 82 سنة شهادة كبيرين في كبير ... شهادة مناضلين في مناضل ... شهادة زعيمين في زعيم ...رجال حملوا هم الوطن شبابا، واستمروا واتجاه بوصلتهم لا يشير إلا إلى مصلحته، ومصلحة كل أبنائه بدون تمييز إلا الولاء له والتضحية في سبيله ...

إنها شهادة من لا يمكن أن يتهم البتة في أنه يبحث له عن منفعة ... وأية منفعة تجلبها شهادة تقدير في راشد الغنوشي ؟! في الغالب لن تجلب لصاحبها غير سخط أطياف تدعي أنها ثورية وأنها تدافع عن مصلحة الوطن، ناهيك عن سخط الوظيفيين والفاشيين والاستئصاليين ... أولائك الذين يملؤون مواخير الإعلام زعيقا ... لكن أولائك الكبار لا يرون في ذلك إلا شهادة إضافية على صدق موقفهم، وعلى سلامة شهادتهم، وعلى نبل الطريق الذي يسيرون فيه .... الشابي والحزقي بقية مما ترك الأولون من الشهامة والمروءة والرجولة ... حيث يفرق الرجل بين اختلاف الأفكار والمقاربات، وبين المس بالحقوق المشتركة في الكرامة وحرية الاعتقاد وحرية اتخاذ المقاربات والتوجهات بدون إقصاء أو استئصال .... رجال يرون الوطن لكل أبنائه وتياراته، ولا قاعدة للحكم بينهم والحكم فيهم والحكم معهم إلا قاعدة الديمقراطية.

كنت أتابع بانتباه مواقف الشابي منذ حقبة بورقيبة وخاصة حقبة بن علي وبالأخص في عشرية الحرية ... بقدر ما كان واضحا وأحيانا حاسما في معارضته للنهضة، بقدر ما كان حاسما وأحيانا صارما في رفض اتخاذ أي سبيل غير سبيل الديمقراطية في حسم خلافات التونسيين ... لا بديل عن الصندوق الشفاف والنزيه طريقا ... كان ذلك كافيا عندي كي يتبوأ الشابي موقعا عليا يليق بالكبار ... يليق ببناة الغد الأفضل حتى وإن لم يكتب له أن يعيشه ....

أما عزالدين الحزقي فقد اكتشفته مع مواطنون ضد الانقلاب ومع الاعتصام ... طاقة مذهلة، وصفاء ذهن أخاذ، وشجاعة وبسالة يغتبط عليها .... من طينة ذلك اليسار الطهوري الذي تأثرنا به .... نعم تأثرنا به نحن الاسلاميون ... أولائك الذين كانوا أقرب إلينا من شيوخ السلطة، ودراويش التكايا والزوايا، و متصنعي "الحداثة واللحاق بالامم المتقدمة" ... كنا نشاركهم قراءاتهم الجادة في العدل الاجتماعي، وتحليلاتهم العميقية للمجتمع الرأسمالي و المجتمعات التابعة .... أحفاد ماركس "رأس المال" وليس ماركس المؤدلج، بل المشوه سواء من تلقاء نفسه، أو من خلال استغلال كتاباته خاصة في فترة شبابه و توجيهها توجيها إيديولوجيا متطرفا، كي يتم استغلالها واستغلال متبنيها في ممارسة أدوار وظيفية، استعملتها في كثير من بلداننا أجهزة مخابرات المحتل المباشر القديم أو مخابرات بلداننا التابعة ....

وعندما "تختلط الأنساب" وحدهم الصادقون يعرفون أهلهم .... لا غرو أن يلتقي الشابي والحزقي والغنوشي والمرزوقي في اللحظات الحاسمة ... إنهم صوت أرض السيبة ... الأرض التي قررت "دولة وستفاليا" أن تجعلها "أرض مجبى" ولا يصلح أهلها إلا أن يكونوا أعوانا لسيد وسادة تلك الدولة ... و"زلاطا" يقمع بها من يتمرد على الوظيفة التي قررتها "دولة الاستعمار الداخلي".

مع كل الغيوم الداكنة بل السوداء المخيفة التي تغطي سماء وطننا الحبيب ... فإن في مواقف هؤلاء الزعماء ... كل في موقعه ... ما يجعل الأمل قائما، يمد أجيال المجاهدين بطاقة دفع وثقة في النصر المبين ....

حيا الله نجيب وعزالدين وراشد والمنصف وعلي وحبيب و نورالدين والصحبي وعبدالحميد وجوهر وشيماء و لزهر وخيام وغيرهم من الأسود الرابضة وراء القضبان ... حتى أسماؤهم لا تبعث إلا املا ... فلا يأس وهؤلاء قادة ركبنا ... ولا خوف وهؤلاء مناراتنا ... ولا هزيمة وهؤلاء راياتنا ..."إن موعدهم الصبح ... أليس الصبح بقريب".

تاريخ أول نشر 2023/6/24