ليس غريبا ان تجد المستيئسين والمخذلين والمتشائمين و"المحاسبين" الذين يحسبونها بالخسائر المادية ويقارنون بين خسائر العدو وخسائر الفلسطينيين .... على طول التاريخ لم يخل زمان من اختلاف وجهات النظر في تقدير شروط النصر والهزيمة ... كل المعارك المصيرية في التاريخ انتزع النصر فيها في لحظة حرجة كان النصر والهزيمة فيها سيان وعلى مسافة واحدة .... عشية خروج المستعمر كان هناك من يدعو للتهدئة وعدم الرمي بالنفس الى التهلكة ....
لكن وحدهم الذين على الأرض وفي الميدان من يقدرون التقدير الانسب ..... ونتائج المعركة هي التي تحدد المنتصر والمهزوم ... جحافل الشهداء علامة من علامات النصر لو يعلم قصيرو النظر .... كيف نحسب الشهداء خسائر وهم المصطفون ... وهم الذين يعبدون طريق النصر بدمائهم ... كيف نتحسر على فقدهم وقد اختيروا من بيننا لحياة أسمى واعلى ....
على طول التاريخ كان الصراع الحقيقي صراع نفسي .... والنصر الأكبر هو انتصار النفوس .... والهزيمة الكبرى هي هزيمة النفوس ....
ما يحدث في فلسطين هو انتصار النفوس الابية وهزيمة العدو والمنهزمين امام صلفه وجبروته ....
ليلة البارحة ليلة لم يكن يتصورها الصهاينة ومن يتمسح على اعتابهم ... من كان ينتظر ان ينتفض سكان الخط الاخضر ويخرجون كما لو ان ارضهم احتلت بالأمس القريب ...
من كان ينتظر ان تحلق الصواريخ "العبثية" في سماء تل أبيب وتصل الى مسافة 120 كلم وان تهزم القبة الحديدية ....
"حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا"
"وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون"
تلك سنة التاريخ لمن ذهل عنها ..... وتلك سنة الله الباقية في إمتحان أصحاب الحق.... وذلك وعد الله للمجاهدين المرابطين ....
ويأبى الله إلا أن يعيد لكلمة الجهاد عنفوانها بعد أن بذلوا كل مكرهم لجعلها محرمة وجعل اهلها منبوذون .....
يعود الجهاد لقلب المعركة ويدحر مناورات الشطار والمتخاذلين ... ويعود المجاهدون منارات للأمل والمستقبل .... وتعود القدس وفلسطين كما تحب ان تكون لا كما يريدونها ان تكون .....واخزى الله السماسرة والخونة والمخذلين ....
ورحم الله الإمام الشهيد حسن البنا الذي قال : "ما قويت الأمة إلا والقدس في حوزتها وما ضعفت إلا والقدس في يد عدوها " ....
لذلك القدس هي البداية ... وهي البوصلة ... وهي النهاية .... وإنما النصر صبر ساعة ...